أقيم مركز الجولان بمبادرة مني شخصيا لرئاسة الجامعة المفتوحة عام 2007 لفتح فرع للجامعة في الجولان وذلك بعد أن عملتُ بالجامعة محاضراً منذ عام 1999 كمحاضر بموضوع علم الحاسوب والفلسفة. لم يكن الهدف مادي بقدر ما كان تقديم خدمة لمجتمع أقدره وأحترمه وأعمل على تقديم كل ما أستطيع لتطويره.

أقمنا المركز بقرية مسعدة ليكون أقرب لجميع قرى الجولان ولنسهل عملية تنقل الطلاّب. في عام 2010 انتقلنا إلى مجدل شمس داخل البلد. مع تزايد أعداد الملتحقين بالدراسة أصبح من غير الممكن أن أبقى بغرف مستأجرة داخل البلد وتسببنا بزحمة سير ومضايقة للجيران بالحي مما دفعنا للانتقال الى المركز الحالي المجمّع التّجاريّ (كنيون) فريد مول حيث المساحات كافية من مواقف السيارات وقمتُ بتجهيز المركز بأحدث الأجهزة ووسائل التعليم التي تليق بنا وبأبناء المنطقة. تكلفة تجهيز هذا المركز كانت على حسابي الشخصيّ وتجاوزت 600 ألف شيكل لم يسترد نصفها حتى اليوم.

اختياري للجامعة المفتوحة وهي واحدة من 9 جامعات رسميّة في إسرائيل وأكبرها من حيث عدد الطلاب الدارسين إذ يتجاوز عدد الطلاب 50 ألف طالب، كان لسببين الأول عدم وجود شروط قبول وهذا يفسح المجال أمام الكثيرين للدراسة الأكاديميّة، والسبب الأخر هو كون الجامعة المفتوحة الوحيدة في إسرائيل التي يُسمح لها بفتح فروع في المناطق المختلفة وهذا أيضًا يلبي لنا شرط عدم السفر للجامعات والتكاليف الباهظة مقابل السكن والتعليم بعيدًا عن البيت بالإضافة لكون الملتحقات وهن المجموعة الأكبر، موظفات، ربات بيوت وبعضهن متدينات لا تسمح لهن ظروفهن الاجتماعيّة بالسكن أو السفر لأماكن بعيدة.

خلال هذه السنوات خرّجَ مركز الجامعة نحو 204 طالبًا للقب ثانٍ وأكثر من 265 طالبًا للقب أول ولا يزال يدرس هذا الفصل بالمركز أكثر من 70 طالبًا من أصل حوالي 160 طالبًا مسجّل وبمراحل تعليم مختلفة. خلال هذه السنوات قدّمنا كلّ ما نستطيع من خدمات لطلابنا من استشارات اكاديميّة ومن توجيه لاختيار مسار تعليم مناسب وقدّمنا دروس تقوية للغة العبريّة ودعم أكاديميّ من خلال برامج كنّا المبادرين لها وقد تبنت الجامعة بعض منها وعممتها على المراكز العربيّة في إسرائيل.
خلال سنوات الكورونا (2020-2021)، تحوّل معظم التعليم من خلال منظومة الزوم (זום - Zoom). كانت النتيجة أنّ توقف عدد كبير من طلابنا عن الدراسة لحاجتهم الماسّة للدراسة الوجاهيّة وللتعقيدات التي رافقت الامتحانات البيتيّة وما الى ذلك من أسباب جعلت الكثيرين من طلابنا غير قادرين على متابعة المسيرة التعليميّة.
حاولنا بقدر المستطاع فتح مجموعات تعليميّة وجاهيّة بالمركز لكنّ شروط الجامعة كانت صارمة بحيث لم يكن بمقدورنا فتح أي مجموعة وجاهيّة بعدد يقلّ عن 20 طالبًا. النتيجة قلّ عدد المجموعات الوجاهيّة وقلّ عدد المسجلين للكورسات وأغلب الأحيان يتمّ توجيه الطلاب بالمجموعات المغلقة للتعليم عن بعد. استغلت الجامعة هذه الحالة وأخذت بتحويل معظم التعليم عن بعد وبحسب هذا المنطق الذي تبنته الجامعة يمكن للطلاب أن يتابعوا تعليمهم بشكل ذاتيّ وهذا طبعًا واحدًا من أهم الأسباب لتوقف عدد كبير عن الدراسة.

قبل حوالي شهر من تاريخه تسلمنا قرار من الجامعة يوقف كلّ أشكال الدعم للمركز كما كان سابقًا، أي تغطية نفقات الإيجار والكهرباء والماء والارنونة. وبعد أكثر من جلسة مع المديرة العامة التي تسلمت وظيفتها حديثًا، لم نستطع تغيير هذا القرار. فما كان منا إلا أن توجهنا إلى رؤساء السلطات المحليّة في المنطقة لنطلعهم على أخر المستجدات سعيًا منا لإيجاد وسيلة تتيح استمرار عمل الجامعة المفتوحة في المنطقة. كانت لي جلسات مع جميع رؤساء السلطات المحليّة، جميعهم عبّروا عن رؤيتهم لأهميّة وجود جامعة بالجولان ووعدوا بدعم كلّ توجه يساعد باستمرار عمل المركز لتقديم هذه الخدمة الكبيرة لأبناء جميع قرانا.

وتلقينا من السيد عباس أبو عواد دعوة لجلسة في مكتبه وقدّم لنا مقترحًا بنقل المركز لقرية بقعاثا وتقديم غرف التدريس وتكاليف الكهرباء مدفوعة سلفًا وهذا طبعًا خدمة كبيرة لا يمكننا إلاّ أن نحني الجبين شاكرين لهذا الموقف النبيل لإنسان غيور على بلده وعلى أبناء المنطقة. لم يكن بالإمكان نقل المركز لأسباب تقنية وأخرى تتعلق بتنقل الطلاب والمحاضرين. وهنا لا بد أن أتقدّم باسمي وباسم مركز الجولان وطلابه بالشكر الكبير لمجلس محلي بقعاثا ممثلًا برئيسه وقسم التربية الذي بادر لمد يد العون والتوجه لكلّ من بمقدوره دعم استمرار المركز ولشعوره بأهميّة وجود جامعة بالمنطقة.
خلال نفس اليوم تلقينا اتصال من السيد دولان أبو صالح رئيس المجلس المحلي في مجدل شمس والذي عمل جاهدًا بقدر ما يتيح له القانون لإيجاد حل سريع يسمح باستمرار عمل المركز وعلى أقلّ تقدير للفصل القادم والذي سيبدأ بعد اسبوعين. كان لنا عدة جلسات تباحثنا بما يمكن عمله وتوصلنا الى حلّ يسمح باستمرار عمل المركز بحيث يقوم مركز الجولان بتأجير عدد من غرف التدريس لفعاليات مركز الشبيبة في مجدل شمس وهكذا يتم تغطية قسم كبير من نفقات الايجار والكهرباء ويتيح لنا الاستمرار بتقديم هذه الخدمة لأبناء المنطقة. هنا أيضًا لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر للسيد دولان أبو صالح لتفهمه أهميّة كون الجامعة المفتوحة في الجولان ولأفراد طاقم العمل بالمجلس الذي خصّص لنا ساعات طويلة من الجلسات والمحادثات في ساعات خارج دوامهم الرسميّ ليقدموا مقترحات لمنع اغلاق المركز فشكرًا لكم جميعًا على التعاون.

بعد هذا السرد أريد أن أوضح للجميع وخاصّة لمن علّق بشكل ساخر على توجهنا لبعض أصحاب الأيادي البيضاء من أبناء المنطقة لدعم المركز ومنع اغلاقه بدلاً من التفكير بتقديم مقترح أو مساهمة لدعم المركز. وللتوضيح أقول لسنا ممن يبحث عن عمل أو مادّة وللعلم أنا والسيدة رولا سراي الدين لم نتلق إجار مقابل عملنا منذ بداية شهر 7 وحتى يومنا هذا ونعمل ليل نهار لكي يستمر المركز بالعمل وتقديم خدماته بنفس الوتيرة وكي لا يتسبب إغلاق المركز بتوقف بعض طلابنا عن دراستهم ودفن أحلام العديد منهم بالحصول على لقب اكاديميّ.

قام مجلس محلي بقعاثا مشكوراً بالتوجّه للعديد من أصحاب الأيادي البيضاء من أبناء المنطقة ليقدموا دعم مادي يضمن حلاً مؤقتا ريثما نجد حلاً دائماً لاستمرار عمل المركز. للأسف الاستجابة كانت اقل بكثير من المتوقع، بالمقابل وما يجعلنا أكثر فخراً بطلابنا وخاصّة الذين درسوا وحصلوا على شهاداتهم ويشعرون بقيمة ما قدمه المركز لهم. قاموا بالتواصل معنا ليقدموا ما يستطيعون من دعم سخي ونزولا عند رغبتهم نمتنع عن ذكر أسمائهم وهذا إن دلّ على شيء فقد يدل على صدق المشاعر وصدق الانتماء للجولان وللمركز الذي خدمهم.

أتمنى أن نكون بهذا السرد قد وضحنا للجميع ما قدمناه وما نسعى لتقديمه، وأكرر كان بإمكاننا إغلاق المركز والعودة لعملنا الأساسيّ أنا كمحاضر بالعديد من الكليات والسيدة رولا كأكاديميّة وتحمل اللقب الثاني بموضوع إدارة الأعمال من الجامعة المفتوحة وهو مؤهل مطلوب في الجامعات والكليات. ولكننا فضّلنا أن نقدم كل ما بوسعنا كي لا يغلق المركز أبوابه وأن يستمرّ بتقديم كلّ ما يلزم لطلابنا.

شعارنا
مستمرون بالعطاء وتقديم الأفضل لأهلنا بالجولان


يمكن توجيه المهتمين لصفحتنا على الفيس وموقع المركز على الأنترنيت
الصفحة المركز على الفيسبوك :
https://www.facebook.com/GolanCenter2021
موقع المركز على الانترنيت :
https://golan-center.com/