صادقت الحكومة الإسرائيلية الأحد على فرض إغلاق شامل ومشدد، بادعاء مواجهة انتشار فيروس كورونا، وذلك للمرة الثانية، منذ بداية الجائحة، لتكون الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض إغلاقا شاملا مرتين. وتؤكد تقارير إعلامية أن إسرائيل وصلت إلى هذا الوضع بسبب إخفاقات عديدة وصراع قوى سياسي، أدى إلى انعدام ثقة الجمهور بالحكومة وقراراتها.
أحد أبرز الإخفاقات يتعلق بالفشل في قطع سلسلة تناقل العدوى، وفقا لتقرير نشرته القناة 12 التلفزيونية. ورغم مرور ستة أشهر على بداية انتشار الفيروس، إلا أنه تنقضي 90 ساعة بالمعدل، أي أربعة أيام تقريبا، بين تشخيص مصاب بكورونا وبين دخول المخالطين له إلى حجر صحي. وخلال هذه الفترة، يواصل الذين نُقلت العدوى إليهم التجول بحرية، ونتج عن ذلك ارتفاع في عدد الإصابات بالفيروس، التي نشهدها اليوم.
ورغم الحديث عن قدرات الجيش الإسرائيلي في مواجهة الفيروس، إلا أنه يتبين أنه لن يتمكن من إقامة منظومة قطع سلسلة تناقل العدوى لن تتشكل قبل تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وفقا للقناة 12.
كذلك فشل الاعتماد على جهاز أمني آخر، هو الشاباك، في مواجهة كورونا. فقد سعت الحكومة إلى الاعتماد على أساليب تجسس هذا الجهاز، برصد مخالطين لمرضى كورونا، بالاعتماد على رصد هواتفهم المحمولة. والنتيجة أن الآلاف من الذين طولبوا بالدخول إلى حجر بعد رصد كهذا، تبين أنهم لم يتواجدوا بالقرب من مرضى.
وسبب آخر لإعادة الإغلاق يتعلق بفتح المرافق الاقتصادية بشكل سريع بعد الإغلاق الأول. فبعد شهر من الإغلاق، استمر حتى 19 نيسان/أبريل الماضي، قررت الحكومة فتح المجمعات التجارية والمطاعم وقطاعات أخرى، تدريجيا ولكن بشكل متتالي وسريع، الأمر الذي أدى إلى انتشار سريع للفيروس وبأعداد أكبر من السابق، كالتي نشهدها حاليا.
وتستفحل أزمة كورونا في إسرائيل على خلفية تسييس مواجهة الفيروس. ويتوجب أن تكون وزارة الصحة مسؤولة عن مواجهة هذه الأزمة، لكن تعالت مطالب بنقل هذه المسؤولية إلى وزارة الأمن. ورفض رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هذه المطالب بسبب تولي خصميه منصب وزير الأمن، نفتالي بينيت في الفترة الأولى من الجائحة، وبيني غانتس الآن.
ومثال آخر، هو أنه في أعقاب إقرار كابينيت كورونا لخطة "رَمزو" (تصنيف المناطق بحسب ألوان الشارة الضوئية وحجم انتشار الفيروس فيها)، التي طرحها منسق كورونا، البروفيسور روني غَمزو، لكنها ألغيت بعد ضغوط مارسها رؤساء المدن والبلدات الحريدية، التي كانت ستخضع لقيود مشددة. كما تم تقليص صلاحيات منسق كورونا نفسه.
وفقد الجمهور ثقته بالحكومة إثر التعليمات غير الواضحة والمربكة، والتي تكررت باستمرار، إلى جانب خرق قادة الدولة، مثل نتنياهو ورئيس الدولة رؤوفين ريفلين، للتعليمات عندما دعوا أقاربهم إلى وجبة عشاء في عيد الفصح، فيما حظرت التعليمات ذلك على المواطنين.
والأزمة الأشد التي رافقت جائحة كورونا، هي الأزمة الاقتصادية. وإلى جانب مخصصات البطالة التي دُفعت للأجيرين، تعهدت الحكومة بعدة خطط لتعويض المستقلين وأصحاب المصالح التجارية الصغيرة، إلا أن أيا من هذه الخطط لم تخرج إلى حيز التنفيذ، أو أنها نُفذت بشكل جزئي جدا، الأمر الذي فاقم عدم الثقة بالحكومة وقراراتها.
وتشير تقديرات وزارة المالية إلى أن فرض الإغلاق سيكلف الاقتصاد ما بين 15 – 20 مليار شيكل أخرى شهريا. وفي موازاة ذلك، أفادت مؤسسة التأمين الوطني بأن إغلاقا كهذا سيؤدي إلى إخراج 200 – 300 ألف أجير إلى إجازة بدون راتب، سيحصلون على مخصصات بطالة، بتكلفة تتراوح ما مليار و1.4 مليار شهريا، فيما يرى المشغلون أن هذا سيناريو متفائل، وأن التكلفة ستكون أكبر بكثير، وفقا لصحيفة "ذي ماركر".
|