الكورونا - فيروس يقلق الكون ويضرب الاقتصاد العالمي، دول عظمى أغلقت في حجر صحي مناطق شاسعة منها وملايين البشر، ودول أغلقت حدودها الجوية والبرية في وجه الأجانب وأدخلت القادمين من الدول الموبوءة بعزل عن الناس لئلا يساهموا في نشر الفايروس بين السكان، لأنه وببساطة حامل الفايروس يمكن أن ينشره وهو لا يعرف أنه يحمله في جسمه... كل هذه الاجراءات الاحترازية ونحن في الجولان لا نبالي... تبويس وتعبيط وتسليم بالأيدي بدون مداراة أو حسبان لانتقال العدوى.
ولا يقتصر القلق من احتمالية انتقال العدوى فقط من السلام بالأيدي والتبويس والتعبيط، وإنما من عادة الجولانيين الفريدة في شرب المتة بالدور من كأس واحدة وشفط المتة من ذات البنبيجة لتدور كاسة المتة بين عدد غير قليل من الجارات أو الصديقات أو الزوار رجالاُ ونساءً صبايا وشباب.
سيناريو أن يكون أحد المشتركين في دور شرب المتة يحمل فايروس الكورونا - لا سمح الله - هو سيناريو وارد، خاصة وإننا نسمع أن مجموعة من الناس عادت قبل أيام من بلد أوروبي تنتشر فيه الكورونا بكثافة - وبشكل منافي لتوصيات وزارة الصحة- لم يدخل بعض هؤلاء القادمين من السفر الى حجر صحي لمدة اسبوعين.
تعالوا نتخيل هذا السيناريو... الى أين يمكن أن يصل الجولان بعد اسبوعين منه: قعدة متي تدور فيها كأسة المتة بين 5 أشخاص منهم شخص أو أكثر يحمل الكورونا وهو لا يعلم إما استهتاراً بتعليمات حماية الذات والأخرين بعد عودته من رحلة العمر من ايطاليا، أو شخص انتقل اليه الفايروس - وهو لا يعرف - كان قد التقى خارج الجولان بصديق يحمل الفايروس وأخذه بالتعبيط والتبويس ولم تظهر عليه بعد أي من أعراض المرض...
تخيلوا حجم الكارثة التي ستحدث - لا سمح الله - بعد انفضاض القعدة وعودة الأشخاص كل الى بيته، خاصةً ونحن في مجتمع اجتماعي صغير ونائي..
حسب هذا السيناريو كل الموجودين سواء شربوا من كاسة المتة ام لم يشربوا سيصابون بالكورونا وسينقلونها الى بيوتهم، في البيت سينقلون الكورونا الى اولادهم والى ازواجهم/زوجاتهم لأنهم يستعملون ذات المناشف ويشربون من ذات كأس الماء ويتشاركون الحمام ويتنفسون من ذات الهواء،
الاولاد سيذهبون الى المدرسة، فهم يجلسون مع زملائهم الطلاب في ذات الصف على مسافة أقرب من 3 متر ولمدة أكثر من 15 دقيقة، وهي الظروف المثلى لانتقال الكورونا من شخص لأخر...
الطلاب سيعودون الى البيت وسينقلون الكورونا الى بيوتهم، في البيت سينقلون الكورونا الى اخوتهم واهاليهم لأنهم يستعملون ذات المناشف ويشربون من ذات كأس الماء ويتشاركون الحمام ويتنفسون من ذات الهواء. الأم ستذهب الى جارتها/اختها/صديقتها لتشرب معها كأس مته من ذات البنبيجه وهي لا تعرف أنها تحمل الفايروس الذي جاء من المدرسة، ستنقله بدورها الى صديقتها وتنشره في بيت صديقتها لانها مكثت هناك اكثر من 15 دقيقة، وصديقتها ستنقله الى زوجها وأولادها ليعيدوا نشره بين اصدقائهم وبيوت أصدقائهم.
وهكذا ندخل في دائرة مغلقة، تهدد فيها عادة إجتماعية واحدة تهديداً حقيقياً مميتاً حياة أشخاص نحبهم هم أهلنا وعزوتنا..
ليس هذا الكلام دعوة للامتناع عن شرب المتة، على العكس، هنالك من يعتقد أن المتة ترفع مناعة الجسم وهي مطلوبة للتصدي للفيروسات، لكن أن ترفع المناعة شيىء وأن "تشرق" الكورونا من البنبيجة شيىء أخر.
تعالوا نعبر هذه المحنة العالمية التي "توّكت" دول عظمى باتباع الحيطة والحذر والاتكال على الله وعلى العلم والتقيد بالتعليمات الصادرة عن الجهات المختصة.
نشرب المتة كما يشربها باقي البشر، من كأس وبنبيجة خاصة لكل شخص، وكل شخص بدوره يسكب الماء لنفسه عندما يحين دوره، ونبتعد مسافة متر ونصف عن جليسنا.. ولا نستقبل ضيوفنا وأحبابنا بالتعبيط والتبويس.. الى أن تعبر العاصفة والسلامة للجميع
|