يُلاحظُ في السّنوات الأخيرة ظاهرةً اجتماعيّةً جديدة وإيجابيّة وإلى حد كبير، وهي اندماج الفتيات المتدينات في مؤسسات التّعليم الأكاديميّ. هذا المشروع بادرت إليه الجامعة المفتوحة بالجولان حيث تمّ وضع أُطر مساعدة لدعم الفتيات اللواتي تركْن مقاعد الدّراسة بسنٍّ مبكرة، وإعادة تأهيلهن للدراسة الاكاديميّة من ناحية اللّغة العبريّة والمهارات الأكاديميّة والمعرفيّة لكي يستطعْنَ التغّلب على الصّعوبات والاندماج الكامل بالدّراسة الجامعيّة.
يُشارُ هنا إلى أنّ الالتحاق بالدّراسة الجامعيّة لا يخضع لشروط قبول وهذا يُمكّنُ كُلُّ راغبٍ بالدّراسة الالتحاق بالجامعة ودراسة أيّ موضوع متاح بالجامعة المفتوحة من بينها مواضيعَ تخضع في جامعاتٍ أُخرى لشروط قبول صعبة مثلَ البسيخومتري وبجروت بجودة عالية أضف إلى ذلك بُعدَ الجامعات عن قرانا.
وجودَ مركزٍ للجامعة المفتوحة في الجولان أتاح الفرصة للجميع حيث قلّل إلى حدٍّ كبير النّفقات المرافقة للدراسة الأكاديميّة من سفر وسكن ومصاريف حياتيّة كبيرة وعندما يكون الحديث عن الأمهات يصبح الأمر أكثر تعقيدًا لغيابهنَّ عن البيت لساعاتٍ عديدة، وجود مركز الجامعة بالقرب منا، وساعات الدّوام الّتي يمكن ملاءمتها لظروف العمل والعائلة تجعل الالتحاق بالدّراسة الأكاديميّة أكثر سهولة وأقل تكلفةً.
الأمر الأخر هو النّظر إلى هذه الشّريحة في المجتمع، ونقصد هنا الفتيات المتدينات، واللواتي هُمشنّ على مدى عقود ولم يأخذن فرصتهن في المنافسة على فرص العمل والقيادة في المجتمع. ربما كان هذا التهميش بغير قصد والسّبب الرّئيسيّ هو عدم وجود مؤهلات علميّة تجعلهن قادرات على المنافسة والحصول على وظائف رسميّة.
برنامج إعادة تأهيل هؤلاء الفتيات وإعادتهن لمقاعد الدّراسة الأكاديميّة، يصحح هذا الواقع ويجعلهن جزءً لا يتجزأ من البيئة المتكاملة في مجتمعنا والتي تضمُّ جميع الأطياف، مع احترامنا وتقديرنا لجميع الفئات في المجتمع نحن في الجامعة المفتوحة ننظر بإيجاب كبير لهذه الشّريحة في المجتمع ونقدّر قيمة وجودهم بيننا ونراهم يمثلون قيم دينيّة نعتز ونفتخر بها في مجتمعنا المتنوع. من هنا نرى أنّ لهم الحقّ أن ينافسوا على الوظائف في مؤسساتنا ومدارسنا كمختصّين وكمعلمين وهذا نوع من الإنصاف لهم.
كما أشرنا سابقاً، أنّ المشروع الّذي تبناه مركز الجامعة المفتوحة بالجولان يعتمد عل عدة محطات قد تساهم في دعم الفتيات وتجعل فرص نجاحهنّ أكبر وحصولهنّ على مؤهلات اكاديميّة ومنها: تخصيص عدد من المنح الدّراسيّة الّتي تساهم بالتّحاق هؤلاء الفتيات بالدّراسة الأكاديميّة وتضمن منحة إضافيّة لكلّ فتاة تثبت جدّية بالتّعليم وتجتاز الامتحانات بنجاح. (برنامج الـ 1000 منحة).
بدء الدّراسة بثلاث (مساقات) كورسات أولى باللّغة العربيّة: التّعليم، الوظائف والامتحانات جميعها باللّغة العربيّة. بالتّوازي مع هذه المرحلة يتمّ فحص قدرات الطّالبات وتمكنهن من اللّغة العبريّة لمتابعة الدّراسة في الفصول التّالية. في حالات معينة يلتحق الطّالب بدورات تقوية باللّغة العبريّة.
تخصيص عدد من ساعات الدّعم والمساعدة وذلك من خلال منح دراسيّة تقدّم للطلاب المتميزين بالمركز مع الالتزام بتقديم الدّعم لثلاثة طلاب جدد منهم الفتيات المتدينات. يحصل كلّ طالب جديد على 10 ساعات مرافقة اكاديميّة ترفع من مستوى مهاراته الاكاديميّة وتحضره للامتحانات بشكل مناسب وبالمقابل يحصل الطّالب المميز والّذي قدّم هذا الدّعم على منحة دراسيّة مقدمة من الجامعة المفتوحة. (برنامج חונכות – كنا اول المبادرين لهذا المشروع واليوم تم تعميمه على عدد من مراكز الجامعة المفتوحة)
تُقدّم الجامعة المفتوحة عدد كبير جدا من المنح الدراسيّة لدعم الطلاب ذوي الدخل المحدود وذلك بهدف تمكنهم من متابعة الدّراسة الجامعيّة في هذه الحالة تؤخذ الظّروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة لكلّ طالب بعين الاعتبار، وهذه المنح تقدم بموعدين كلّ عام يمكن للطالب أن يحصل على عدد من المنح والّتي تغطي كلّ واحدة منها كورس أكاديميّ. في كلّ عام يحصل طلابنا على أكثر من 100 منحة من برنامج (סיוע כלכלי-الدعم الاقتصادي).
تم هذا العام (2020)، تخصيص 15 منحة دراسيّة قيمة كلّ منها 2000 شيكل لكل فتاة متديّنة تلتحق بالدّراسة وتسجّل حتى موعد أقصاه 20.12.2019، الجهة المانحة خصّصت هذا العام مبلغ معين ووعدت أن تقدّم منح متتالية كلّ عام وبمبالغ أكبر بحسب عدد الفتيات المنتسبات للدراسة الأكاديميّة بالجامعة المفتوحة تحديداً.
يهمنا أن نقدّم لجميع أبناء مجتمعنا في الجولان خدمة أكاديميّة بمستوى عالٍ وبأقل النّفقات وإتاحة الفرصة لجميع شرائح المجتمع بدون استثناء من أمهات وموظفات والعمل على الدّعم الماديّ المطلوب لمن يستحق بحسب ظروفه الاجتماعيّة والاقتصاديّة.
يدرس اليوم أكثر من 300 طالب وطالبة في مركز الجولان وقد تخرج حتى الأن العشرات من المعلّمين بشهادات اللّقب الثّاني MA والعديد من اللذين حصلوا على شهادة اللّقب الأول وشهادات التّدريس.
معلوم للجميع ان الجامعة المفتوحة هي أكبر جامعة في إسرائيل ويتعلم بها أكثر من 47000 طالب وهذا العدد يساوي مجموع الطّلاب الّذين يدرسون بأكبر ثلاث جامعات تليها. وفي كُلّ عام تخرج الجامعة المفتوحة أكثر من 4000 طالب لشهادات اللّقب الأول والثّاني.
استطعنا في السّنة الأخيرة، الاتفاق مع الجامعة لإقامة معظم الامتحانات الفصلية في مركز الجولان لأبناء المنطقة الشماليّة والجولان وذلك لتخفيف النّفقات والسّفر إلى كتسرين أو طبريا لتقديم الامتحانات في كل فصل. تقام ايضاً في مركز الجولان امتحانات التّصنيف للغة الإنكليزية (אמיר"ם) من قِبَل المركز القطريّ هذه الامتحانات تُجرى عادة مع امتحانات البسيخومتري وفي المدن الرئيسية فقط.
في الختام نستطيع أن نفاخر أنّ من بين خريجينا الكثيرون ممن تميزوا وأنهوا دراستهم الأكاديميّة وحصلوا على وظائف في المؤسسات والمدارس منهم عدد من الفتيات المتدينات اللّواتي التحقن قبل 3 سنوات وأنهوا دراستهن والبعض الاخر سيتم تخريجهن هذا العام وسيستلمن شهاداتهن خلال حفلالتّخرج القادم، ولجميع طلابنا نقول أنّنا نفخر بكم جميعا ونرى بكلّ فرد منكم منارةً تضيء دروب المستقبل للأجيال القادمة.
بمحبة وتقدير حسين سلمان مدير مركز الجولان.
|