بدا معظم الإسرائيليين، وفقا للتحليلات المنشورة اليوم، الجمعة، كمن ضاقوا ذرعا، وخاب أملهم، بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في أعقاب قراره بسحب جنوده من سورية، باعتبار أن ذلك أعطى ضوءا أخضر للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بشن عملية عسكرية في سورية، من أجل إقامة ما تصفها تركيا "منطقة آمنة" قرب حدودها بطول 450 كيلومترا وبعمق 32 كيلومترا بالأراضي السورية، بهدف محاربة الأكراد، والادعاء بمحاربة "داعش"، ونقل 3.6 مليون لاجئ سوري في تركيا إلى هذه المنطقة.
"_blank" href="http://www.daliluk.com/news/images/left_adver/HTMLS/mustathmer/index.html">
ووصف المحللون قرار ترامب بأنه "خيانة" للأكراد، الذين دعمتهم واشنطن بالمال والسلاح، خلال الحرب الأهلية، ولكنهم شكلوا رأس الحربة في القتال ضد "داعش". وفيما برر ترامب قراره بأن الأكراد لم يحاربوا إلى جانب الولايات المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية، سخرت مراسلة صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أورلي أزولاي، قائلة إن ترامب حسنا فعل "بعدم ادعائه أن الأكراد لم يحاربوا إلى جانب الأميركيين ضد الفيتناميين، ولم يقدموا المساعدة أثناء أزمة الصواريخ في كوبا".
وحوّل محللون ترامب من "أفضل صديق لإسرائيل" إلى من سيخونها. وكتبت أزولاي أنه "من خلال خيانته الرئيس بالأكراد، تتعالى رائحة قد تدل على خيانته القادمة، عندما ختم أقواله بأن الأكراد وتركيا هم مثل إسرائيل والفلسطينيين"، معتبرة أن ترامب يقصد إنهم جميعا "جماعة من الملحاحين من الشرق الأوسط، أنانيون وناكرون للجميل يخوضون حروبا قبلية ويمتصون أموال دافع الضرائب الأميركي".
وأضافت أنه "لقد افتضح أمره: ترامب ليس الرئيس الأفضل الذي عرفته إسرائيل، إنه سيئ لإسرائيل. وهذه ليست مفاجأة... ورغم أنه نقل السفارة (الأميركية) إلى القدس، واعترف بالسيادة (الإسرائيلية) في هضبة الجولان – وعدا الرمزية في هاتين الخطوتين، فإنهما تخلوان من قيمة إستراتيجية أو سياسية – وغلّف نتنياهو بكلمات دافئة، لكن في النتيجة هو ألحق ضررا بإسرائيل. وقد بدأ ذلك بانسحابه من الاتفاق النووي مع إيران، من دون طرح بديل، ما أدى إلى أن الإيرانيين أيضا كسروا قواعد اللعبة – وتدور أجهزة الطرد المركزية بقوة أكبر الآن، ويتم إطلاق صواريخ حديثة باتجاه منشآت النفط السعودية. وترامب لا يستطيع أو لا يريد الاعتراف بحجم برميل البارود في الخليج الفارسي، وأن أي عقب ثقاب يشعله سيقود إلى أن تدفع إسرائيل الثمن".
وتابعت أزولاي أنه "في هذه الأيام يتم رسم خطوط خيانة الرئيس لإسرائيل، بؤبؤ عين كافة الإدارات التي سبقته. فعندما يطرد الرئيس الأميركي إسرائيل من تحت جناحه – ويوضح، على سبيل المثال، أنه إذا هاجمت إيران فإنه لن يقدم المساعدة لها – ستشتم الدول العظمى في الشرق الأوسط على الفور رائحة التخلي (عن إسرائيل). وواضح للجميع أن إسرائيل لم تعد مفضلة، ولا محمية". ودعت رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، "الذي ربط إسرائيل بحبل سرة ترامب وأحرق الجسور إلى الديمقراطيين، سيضطر إلى إعادة التفكير. وربما هو اعتقد أنه يسيطر على الرئيس، لكنه بقي وحده في المعركة ضد إيران".
انتخابات الرئاسة الأميركية رأى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أنه "يوجد شيء مبالغ فيه، وحتى اصطناعي، بالتزعزع الأخلاقي الذي ينتاب الآن السياسيين والصحافيين، في الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل، إثر قرار الرئيس دونالد ترامب بالتخلي عن الأكراد وإخلاء الجنود الأميركيين من شمال شرق سورية، كي يسمح بالغزو التركي".
وأضاف هرئيل "أولا، من السخافة قياس ترامب بأدوات أخلاقية. وبنظرة خاطفة إلى سيرته، ينبغي أن تقول لنا أن هذا شخص لن يتردد في طعن حلفائه وبعد ذلك يكذب دون أن يرجف له جفن. والأمر الثاني، هو لأن كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، سار ترامب في طريق سلفه، باراك أوباما، ووفقا للشعور الداخلي لدى قسم كبير من الناخبين الأميركيين، من كلا الحزبين. وهو يسعى إلى تقليص تدخل الولايات المتحدة في المنطقة، وبالتأكيد يريد خفض حجم التزاماتها العسكرية".
وحسب هرئيل، فإنه "بكل ما يتعلق بالسياسة الداخلية الأميركية، ترامب بعيد عن أن يكون أبله. وفيما يتوجه إلى انتخابات الرئاسة بعد عام ونيّف، يبدو أنه يشخص المشاعر التقوقعية القوية في أوساط ناخبي الحزبين، ويقدر أنه عدا الغضب في واشنطن، فإن هذه الخطوة ستحقق له مكاسب سياسية أكثر من خسائر... فالناخب الأميركي العادي لا يفرق بين كردي تركي أو بين سني وشيعي. وبالنسبة له يجري الهجوم التركي وراء جبال الظلام. وليس له تأثير فوري على حياته، وغذا تم سحب شبان (جنود) أميركيين من هناك كي لا يصابوا، فهذا افضل".
وادعى هرئيل أن إردوغان خدع ترامب، خلال المحادثة الهاتفية بينهما، يوم الأحد الماضي، وأن ذلك "يدل مرة أخرى على معرفة ترامب السطحية في قضايا السياسة الخارجية"، معتبرا أن "المفاجأة المطلقة لدى مرؤوسيه عندما تلقوا قراره تؤكد القطيعة العميقة بين الرئيس والموظفين المهنيين في إدارته. فترامب عديم الصبر تجاه خبراء الاستخبارات، ويفضل الحصول على معلومات من نشرات الأخبار بواسطة شبكة فوكس، ومتقلب بالكامل باتخاذ القرارات".
وتابع هرئيل أن "لتخلي الأميركيين عن الأكراد ستكون تبعات محتملة على الشرق الأوسط وخاصة إسرائيل. وتعكس هذه القضية استمرار تراجع اهتمام الأميركيين بالمنطقة، وفي أعقاب ذلك تراجع قوة التأثير الأميركي. ومنذ أن تحررت الولايات المتحدة من التعلق بالنفط العربي كمصدر للطاقة، أخذ يتراجع استعدادها للتدخل في الأحداث في الشرق الأوسط. والانسحاب الأميركي المتواصل، والذي بدأ خلال ولاية أوباما، يخلي الطريق أمام صعود قوى أخرى، وفي مقدمتها روسيا وإيران. وهاتان الدولتان لا تبحثان عن مصلحة إسرائيل. وفي خلفية ذلك، ضعف الحلف السني الذي حاول دفع الولايات المتحدة لتنفيذ خطوات هجومية أكثر ضد إيران".
ورأى هرئيل أن الأحوال تبدلت، وأن التطورات في شمال شرق سورية هي "مصيبة أخرى بالنسبة لنتنياهو، وتأتي ضمن سلسلة أحداث بدأت تبدو أنها أزمة إستراتيجية خطيرة". وكان نتنياهو سعى إلى تصوير ترامب كأفضل صديق لإسرائيل بين كافة الرؤساء الأميركيين السابقين، وأن علاقاته جيدة للغاية مع مستشاري ترامب، وغالبيتهم يهود. وسعى أيضا إلى إظهار أن علاقاته مع ترامب والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، جيدة للغاية. "لكن الأمور تبدو مختلفة كليا الآن. الإدارة الأميركية ردت بعدم مبالاة تقريبا على سلسلة الهجمات الإيرانية ضد صناعة النفط في الخليج، وترامب يعلن أنه معني بمحادثات مع إيران، وليس بحرب. والسعودية والإمارات تنقل رسائل إلى طهران بأنه توجد حاجة لتقليص الاحتكاك العسكري بين الأطراف واستبداله بحوار دبلوماسي".
|