سجّل اليوم الثاني من العدوان التركي على الأراضي السورية في المنطقة الشمالية الشرقية سعياً تركياً واضحاً لتحقيق تقدم بري كبير وسريع. إذ ما إن أنهى الجيش التركي بنك أهداف غاراته الجوية، التي استهدفت مواقع حيوية لـ«قسد» في اليوم الأول، حتى ظهر الاستعجال لانتزاع نصر معنوي، وكسر إرادة المقاتلين الأكراد المخذولين من حلفائهم الأميركيين، وتوجيه صدمة لهم تجبرهم على الانسحاب وترك المواجهة.
وفي أعقاب إعلان وزارة الدفاع التركية بدء التوغل البري بعد مضيّ أقلّ من ست ساعات على بدء الاستهداف الجوي والمدفعي، انطلقت محاولات ــــ كما كان متوقعاً ــــ من الشريط الحدودي الذي يربط مدينتَي رأس العين وتل أبيض في ريفي الحسكة والرقة، والذي سيظلّ مسرحاً للمرحلة الأولى من العملية.
وشنّ نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، هجوماً عنيفاً ضد «قوات سوريا الديموقراطية» التي تدعمها واشنطن، قائلاً إنها «خانت بلادها»، واتهمها بـ«تبني أجندة انفصالية منحت تركيا ذريعة لانتهاك سيادة البلاد». ورداً على سؤال عمّا إذا كانت دمشق ستستأنف الحوار مع القوات الكردية التي تواجه الهجوم التركي، أجاب المقداد بأن هذه «المجموعات المسلحة خانت بلادها وارتكبت جرائم ضدها». وأضاف في حديث أمس إلى مجموعة من الصحافيين في مكتبه في دمشق أن «بلاده لن تقبل أيّ حوار أو حديث معهم»، متابعاً أنه «لا يوجد موطئ قدم لعملاء واشنطن على الأرض السورية».
في الاتجاه نفسه، حمّل مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، عقب جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي حول العملية التركية في سوريا، «قسد» وحلفاءها مسؤولية ما يجري. وقال نيبينزيا للصحافيين: «كنا ندعو الأكراد للمشاركة في حوار مباشر مع السلطات السورية، ولكنهم كما تعرفون اختاروا رعاة آخرين. وشدد نيبينزيا على أنه «أثناء هذه العملية يجب أن تبدي كل الأطراف أقصى حدّ من ضبط النفس»، معتبراً أحداث شرقي الفرات «نتيجة للهندسة الديموغرافية التي قام بها بعض الأعضاء في التحالف (الدولي) بشمال شرقي سوريا»، مضيفاً «أننا حذرناهم منذ فترة طويلة من عدم جواز إجراء تجارب في هذا المجال».
في المقابل، وصف عضو الهيئة الرئاسية لـ«مجلس سوريا الديموقراطية»، حكمت حبيب، «دعوة روسيا للحوار بأنها تأتي في إطار مصلحة روسيا والنظام»، مؤكداً أنه «لا يوجد أي لقاء او حوار مع الحكومة السورية وروسيا». وأبدى حبيب «أسفه على الموقف الدولي الكلامي وغير المرهون بخطوات حقيقية»، وهو ما رأى أنه «سيفسح المجال لجيش الاحتلال التركي بارتكاب المزيد من المجازر لتحقيق مآربه». وأقرّ حبيب «بقوة الجيش التركي وامتلاكه ترسانة قتالية كبيرة»، معتبراً أنه «ليس لديهم خيار سوى المقاومة والدفاع عن مناطقهم التي تتعرض لهجوم واحتلال». ودعا الحكومة السورية «إلى تحمل مسؤولياتها، والحفاظ على الحدود والأراضي، بعيداً عن الخلافات السياسية»، متهماً إياها بأنها «لا تزال بعيدة عن القبول بأي حوار»، واصفاً خطابها تجاه قواتهم بـ«السلبي».
|